رتب أفكارك ونسقها كالورود
إن الكائنات الحية على اختلاف أجناسها وأصنافها وألوانها لتمثل ثمرة مشتركة لأربعة عوامل طبيعية, لولاها لما كان للحياة وجود: الهواء, الشمس, التربة, الماء.
وإن أكثر الكائنات اعتماداً على هذه العوامل الأربعة هي النباتات, ولك أن تتخيل حديقة جميلة, فيها من الورود والزهور ما لم ترَ عيناك, كيف يصير حالها إن هي حرمت العوامل الأربعة السابقة أو بعضها؟!
وإن الأفكار البشرية ـ اختلافها وتنوعها ـ لهي أشبه بالكائنات الحية, بل أن بعض الأفكار (في نوعية خاصة بالعقول البشرية) لتعيش حياة أهنأ وأخصب من بعض الكائنات في نوعية معينة من البيئات الفقيرة!
وإن الأفكار الجميلة والبناء لهي حديقتنا الجميلة تلك, وجدير بنا أن نوفر لها كل عوامل النجاح والتطور. بينما ينبغي أن نمنع الأفكار الرديئة والصدئة من أن تنمو وتسود كما نمنع الحشائش الدخيلة وغير المنتجة من أن تتغذى على طعام النباتات المنتجة!
"حديقة الأفكار" هي أسلوب من الأساليب الجيدة في جني أخصب وأنجح الأفكار والمشروعات.
وعوامل الخصوبة في حديقتنا هذه هي ليست بالطبع عوامل الخصوبة في حديقة الزهور! وإنما هي ثمرة التقاء:
العقل المتفتح القابل لكل جديد بــ القدرة الابتكارية في إنشاء الأفكار و القدرة على إثارة الأسئلة أو احتمالات الفشل في الفكرة المحددة مع القدرة على إيجاد أفكار بديلة.
إنه أسلوب جديد وبسيط لتنشيط وتنظيم وتطوير عملية تكوين الأفكار الجميلة, ثم أسر تلك الأفكار ومنعها من التسرب.
ولكن عوامل الخصوبة هذه لا يمكن تواجدها في جميع أعضاء فريق العمل! إذن, لا بد من طرق خاصة نستطيع بها أن نهيئ جميع العقول لاكتساب عوامل نجاح وإنضاج الأفكار, وهذه الطرق هي:
1ـ الأفكار العريضة:
وهي بمنزلة الهواء للنبات, فلا بد لكل عضو من أعضاء فريق العمل أن يملك القدرة على استيعاب كل الأفكار الجديدة وإن كانت غامضة و مشوشة.
ويفضل هنا أن تكون الأفكار غير محددة أو مقيدة, كأن تقول "أريد صور أفضل في المجتمع" و "أريد أن أطور جانب التدريب في المؤسسة" و "أريد أن يتطور الاتصال بين الأعضاء". وكأن الأفكار هنا هي الأهداف المطلوبة والنتائج المرجوة والآمال المرسومة.
ويفضل كتابتها على ورق حائط أو سبورة أو شاشة بحيث تبقى كالومضات في الأذهان تصحح المسار خلال عملية بناء الأفكار وتطويرها.
2ـ الأفكار التفصيلية:
وهي بمنزلة الشمس للنبات, حيث تلتقط هنا كل فكرة تفصيلية لفكرة عريضة, وكلما كانت الفكرة مفصلة كلما كان فهمها أفضل وإمكانية الإجماع عليها أكبر.
ومن المهم هنا أن نزرع كل فكرة وبدائلها المتولدة من النقاش تماماً كما نزرع كل وردة ونظائرها من نفس الفصيلة. أي أنه في نهاية المطاف ستتولد لدى فريق العمل أفكار عريضة وعامة تليها أفكار تفصيلية توضح وتشرح.
3ـ تقدير العقبات:
وهو بمثابة التربة للنبات, فإذا كان لفكرة ما أن تثير العديد من التساؤلات والمحاذير فيجب أن يشجع هذا حتى تتكون قائمة طويلة من الأفكار مع سرد سلبياتها ونواقصها, ومن ثم إيجاد البدائل.
إن هذا الجزء من عملية بناء الأفكار قد يمثل الجزء الأهم في العملية كلها, لذا ينبغي العناية به جيداً حتى يمكن لمجموع الأفكار أن يثمر أفكاراً واقعية ومتميزة.
4ـ التنوع:
وهذا هو الماء, فالهدف ليس تنفيذ الفكرة المطروحة أولاً, ولكن الهدف في حديقة الأفكار هو أن تولد كل فكرة بتفاصيلها أفكاراً جديدة بتفاصيل جديدة.
وابحث هنا عن كلمة "لكن" التي كثيراً ما يستدرك بها عضو من الأعضاء على فكرة زميله, فينبغي على العضو إذا رأى عدم رواج فكرة زميله ألا ينسفها ولكن يحاول أن يوجد حلولاً لعيوب فكرة زميله, ومن تم وضع فكرته كإضافة لا كبديل.
فأنت لا تدري متى وكيف تنضج الثمرة, ولعل فكرة ما لم تجدب الانتباه في بداية النقاش تكون منطلقاً لفكرة جديدة تولدت مع استمرارية النقاش, أو أنها تكون مخرجاً لفكرة سابقة كادت العقبات أن تنسفها.