الطفل : أماه الجذع الذي في سطح آل فلان لا أراه ؟
الأم : ليس ذاك جذعا يا بني ..
ذاك (منصور) .. قد مات !!
- كان منصور بن المعتمر يقوم الليل ويطيل حتى ظنه الطفل جذعا !! -
أما ابن الزبير فتقول و الدته :
أنها دخلت عليه بيته , فسقطت (حيه) على إبنه هاشم
فصاحوا:
الحية ..الحية ..فرموها
و هو لم يلتفت إليهم.
وثالثهما .. عامر بن عبد قيس
يسألونه عن (عدم سهوه) فيقول:
هيهات .. مناجاة الحبيب تستغرق الإحساس
ما هو ذلك الشعور الذي أفقد ابن الزبير الإحساس بما حوله .. بل حتى عن فلذة كبده ؟!
ما هو الإحساس الذي جعل منصورا يشابه الجذع في سكونه؟!
ماهو السبب الذي جعل عامر بن قيس لا يسهو في صلاته؟!
عن ماذا يتحدث هؤلاء ؟!
( الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ)
حسنا ..
لا يعنيني إذا كنت قرأت هذه الآية من قبل ..
أو سمعت محاضرة عن الخشوع..
أو حتى ما إذا كنت من المداومين على الصلاة أم لا ؟!
الذي أحاول أن أنقله هنا شيء مختلف
انظروا إلى هذا الرجل
هل ترون الحمامة التي تقف على رأسه لشدة سكونه
عن مثل هذا نحاول أن نتحدث
والآن
لنتأمل سويا هذا المنظر ..
يقول د.ياسر بكار في كتابه ( القرار في يديك)
و هو يحاول أن ينقل لنا التحليل النفسي الدقيق للخشوع متسائلا :
(هل أكرمك الله يوما بحضور ليلة ختم القرآن في الحرم المكي؟!
كنت أتأمل هذه الآلاف المؤلفة ..التي نسيت ما حولها..
نسيت كل همومها ومشاغلها .. نسيت تعب السفر الشاق إلى مكة
و هي تصطف منغمسة في التذلل بين يدي الله و هي تردد:
( آآآآآآمـــــين )
مؤمنة على دعاء الشيخ السديس ـ حفظه الله ـ
تلك اللحظات تمثل أرقى لحظات السمو الإنساني و منتهى النعيم الدنيوي الذي يمكن أن تتذوق حلاوته)
و يواصل د.ياسر حديثه فيقول :
(من عاش هذه اللحظات فقد شهد واحدة من الحالات النفسية المدهشة
و التي درسها علماء النفس بإهتمام و أطلقوا عليها حالة [التدفق flow ] )
ما رأيكم بهذا المصطلح ؟!
( التدفق)
هل تتلمسون عذوبته و صدقه؟!
يواصل د.ياسر بأعذب تفصيل للخشوع
سمعته أذناي وأزال علامات الاستفهام التي كانت تعرض لي
و أنا أقرأ (حال السلف مع الصلاة ) فيقول :
( هي حالة نسيان الذات و الغرق في عمل يملك كل انتباه المرء و حواسه
حتى يكاد لا يشعر بالعالم الخارجي من حوله )
اقرأوها مرة أخرى:
( حتى يكاد لا يشعر بالعالم الخارجي من حوله )
و الآن
هل عرفتم ماذا كان يرمي إليه ـ عامر بن عبد قيس ـ حينما قال :
مناجاة الحبيب تستغرق الإحساس ؟!!
هل عرفتم ما لذي جعل منصور بن المعتمر يتلذذ بطول الوقوف
حتى ظن الطفل أنه جذع؟!!
نكمل هذا التحليل النفسي الرائع يقول د.ياسر :
( و تدعمه تدفق من العواطف الإيجابية مليئة بالطاقة و الحيوية تعمل جميعها
على صرف انتباهه تجاه العمل الذي يقوم به,
يكتنف الإنسان في هذه اللحظات شعور بتوقف الزمن,
و إحساس داخلي بالبهجة , و قدرة خارقة على التركيز و المهارة في الأداء ,
و تحول الصعب إلى أمر يسير .
و يغيب عنه الاهتمام بالكيفية التي يؤدى بها العمل ,
أو التفكير في النجاح و الفشل
لأن مشاعر السرور و البهجة بالعمل نفسه هي فقط التي تحركه و تحفزه )
و الآن هل عرفتم
ما لذي شغل ابن الزبير عن فلذة كبده ؟!
لا تحرم نفسك لذة الخشوع
وتذكر أن الخشوع الحق :
هو أن تكون
مغمور بشعور من الاسترخااااء
أن تشعر
كأنك شلاااال ( يتدفق)
كتبته: هند عامر
|