تتميزالأسطورة بعمقها الفلسفي الذي يميزها عن الليجندة مثلا أو الحكاية الشعبية. كانت الأسطورة سابقا كما العلم الآن أمرا مسلما بمحتوياته. في معظم الأحيان تكون شخوص الأسطورة من الآلهة أو أنصاف الآلهة وتواجد الإنسان فيها يكون مكملا لا أكثر. تحكي الأسطورة قصصا مقدسة تبرر ظواهر الطبيعة مثلا أو نشوء الكون أو خلق الإنسان وغيره من المواضيع التي تتناولها الفلسفة خصوصا والعلوم الإنسانية عموما.
1-الأساطير متنوعة في مواضيعها، فهناك من يرى أنواعها خمسة هي :الأسطورة الطقـوسية : وهي تمثل الجانب الكلامي لطقوس الافعال ألتي من شأنها أن تحفظ للمجتمع رخاءه. [*]أسطورة التـــكوين : وهي التـي تصور لنا عملية خلق الكون. [*]الأسطورة التعليلية : وهي التي يحاول الإنسان البدائي عن طريقها، أن يعلل ظاهرة تستدعي نظره، ولكنه لا يجد لها تفسيراً، ومن ثم فهو يخلق حكاية أسطورية ، تشرح سر وجود هذه الظاهرة. [*]الأسطورة الرمزية : وهي إلا أن تنوع الأساطير ، يؤدي حتماً إلى تنوع تعاريفها، لأن كل تعريف يتأثر بنوع الأسطورة، أو بنوعين أو ثلاثة أنواع، ولذا يبقى التعريف قاصراً عن أن يكون جامعاً مانعاً. ]2- إن تنوع الأساطير أدى إلى تنوع المناهج التي تتناول الأساطير بالدراسة، فلذا ظهرت المناهج التالية :المنهج اليوهيمري الذي يعد من أقدم تلك المناهج، ويرى الاسطورة قصة لأمجاد أبطال وفضلاء غابرين.]المنهج الطبيعي الذي يعتبر أبطال الأساطير ظواهر طبيعية، ثم تشخيصها في أسطورة، اعتبرت بعد ذلك قصة لشخصيات مقدسة. [/LIST]
- المنهج المجازي بمعنى أن الاسطورة قصة مجازية، تخفي أعمق معاني الثقافة.
- المنهج الرمزي بمعنى أن الاسطورة قصة رمزية، تعبر عن فلسفة كاملة لعصرها، لذلك يجب دراسة العصور نفسها لفك رموز الأسطورة. المنهج العقلي الذي يذهب إلى نشوء الاسطورة نتيجة سوء فهم ارتكبه أفراد في تفسيرهم، أو قراءتهم أو سردهم لرواية أو حادث.
- منهج التحليل النفسي الذي يحتسب الاسطورة رموزاً لرغبات غريزية وانفعالات نفسية.
وإن علم ال ميثولوجيا، حتى الآن، لم يصل إلى مرحلة النضج التي تؤهل مدارسه المتنافرة، المتعارضة للإندماج.
3- إن للأسطورة جوانب متعددة ومتنوعة، فهي إن صح التعبير - كما وصفها البعض أنها متاهة عظمى، فلذا نجد الكثير ينطلق في تعريفه متأثراً بجانب أو عدة جوانب منها فتبدو التعريفات قاصرة، وقد نجد العكس حيث يلجأ البعض إلى تعابير فضفاضة تمتاز بالتعمية والمطاطية إلى حد يفقدها الدقة والتشخيص والتمييز.
4- إن للأسطورة خاصية الشعر الذي يكاد يظل عصيا على أي وصف محدد، ولعل صعوبة الحد والتعريف كامنة في المطلق الذي تنزع إليه الأسطورة أو الذي ينزع إليه الإنسان من خلال الأسطورة، كما قد يكمن في كونها على حد تعبير بعضهم نظاما رمزياً، وفي أن المنهج أو المنظور الذي يتعين النظر إليه منها لا ينبغي أن يكون جزئياً انتقائياً حيال هذه الحقيقة الثقافية المعقدة ) .ناهيك عن اننا لم نمر بتجربة الأسطورة مروراً مباشراً، عدا بعض منها، وهو بعض مشوش الأصل، متلون الشكل، غامض المعنى، والظاهر أنها على الرغم من امتناعها على التفسير العقلاني، تستدعي البحث العقلاني الذي تعزى إليه شتى التفسيرات المتضاربة، والتي ليس فيها، على كل حال، ما يستطيع تفسير الاسطورة تفسيراً شافياً .
5- إن القدماء أنفسهم لم يعملوا على تمييز النص الأسطوري عن غيره، ولأهم دعوه باسم خاص يساعدنا على تمييزه بوضوح بين ركام ما تركوه لنا من حكايا وأناشيد وصلوات وما إليها. ففي بيوت الألواح السومرية والبابلية، نجد أن النصوص الأسطورية مبعثرة بين البقية. ثم أن عنوان الاسطورة غالباً ما كان يتخذ من سطره الإفتتاحي الأول، شأنه في ذلك شأن بقية النصوص الطقسية أو الملحمية أوالأدبية البحتة. وهذا ما حدث في التراث الإغريقي كذلك .
6- اشتراك جنس أجناس أدبية أخرى مع الأسطورة في بعض عناصرها، مثل الخرافة، اللامنطق، اللامعقول، اللازمكان في بعض الأحيان، فلذا أرى من الضرورة بمكان، أن نحاول التوصل إلى إيجاد معايير، يمكن أن نفرق بها بين الأسطورة و تلك الأجناس ، قبل الشروع في محاولة لصياغة تعريفات تختص بالاسطورة دون غيرها . فالخرافة هي الحديث المستملح المكذوب، وقالوا حديث خرافة، ذكر ابن الكلبي قولهم حديث خرافة، أن خرافة رجل من بني عذرة، أو من جهينة، إختطفته الجن، ثم رجع إلى قومه، فكان يحدث بأحاديث مما رأى يعجب منها الناس فكذبوه، فجرى على السن الناس ، وروى عن النبي (ص) أنه قال: (وخرافة حق ) وفي حديث عائشة قال لها حدثيني، قالت ما أحدثك حديث خرافة والراء فيه مخففة ولا تدخله الألف واللام لأنه [ اسم خرافة ] معرفة، وتوضع أل [ الخرافة أو الخرافات ] إذا أرادوا الخرافات الموضوعة من حديث الليل، أجروه على كل ما يكذبونه من الاحاديث وعلى كل ما يستملح ويتعجب منه وراوي الخرافة والمستمع إليها على حد سواء يعرفان منذ البداية، أنها تقص أحداثاً، لا تلزم أحداً بتصديقها، أو الإيمان برسالتها.وهي تختلف عن الأساطير في أن الخرافة تناقلها الناس بلغتهم الدارجة، في الوقت الذي احتفظت فيها الأساطير بلغة فصيحة. كما أن الأسطورة ترجع إلى ما قبل الأديان، أما الخرافة فقد ظهرت بعد الوثنية ، ولذا يغلب عليها الطابع التعليمي والتهذيبي والبطل في الحكاية الخرافية يكون نموذجاً متخيلاً بعيداً عن الواقع إلى درجة لا يصلح لأن يكون مثالاً يحتذى به على أي صعيد. فالمزج الصبياني بين اللامعقول و الواقع، يتميز في الجني الذي لا يعرف من أي مكان يأتي عندما يفرك علاء الدين المصباح، وبعد أن ينهي مهمته، يرجع ولكن لا يعرف إلى أين ويقصد بها الإمتاع والمؤانسة. ولكنها ذات بنية معقدة، فهي تسير في اتجاهات متداخلة، ولا تتقيد بزمان حقيقي أو مكان حقيقي.
أما الحكاية البطولية، فهي تتسم ببعض ما تتسم به الخرافة من إغراق في الخيال، وبعدها عن الواقع، إلا أن لها أصلاً في الحقيقة الموضوعية، ضخّم وبولغ فيه، وعمل الخيال البشري الخلاق عمله، غير أنه خال من طابع الجد والقداسة، فهي قصص دنيوية وغير مقدسة، ومحددة تحديداً زمانياً ومــكانياً، وهو ما يبرر قيام الباحث، بالعملية العكسية، أي الصعود من الأدب إلى الأسطورة .
وأن البطل فيها، ولما يملك من القوة الخارقة ولما يقوم به من تصرفات فروسية، يشكل صورة مثالية عن الإنسان ، وعن ما هو إنساني، يستثير الرغبة في السامع إلى تحقيق هذه الصورة المثالية.
وهناك الحكاية الشعبية التي يميزها هاجسها الاجتماعي بشكل رئيسي عن الحكاية الخرافية والحكاية البطولية، فموضوعاتها تكاد تقتصر على مسائل العلاقات الاجتماعية والأسرية منها خاصة، مثل زوجة الأب وحقدها، وغيرة الأخوات في الأسرة من البنت الصغرى التي تكاد تكون في العادة الأجمل والأحب…الخ.
والحكاية الشعبية واقعية إلى أبعد حد وتخلو من التأملات الفلسفية والميتافيزيقية، مركزة على أدق التفاصيل وهموم الحياة اليومية، وهي رغم استخدامها لعناصر التشويق، إلا أنها لا تقصد إلى إبهار السامع بالأجواء الغريبة، أو الأعمال المستحيلة، ويبقى أبطالها أقرب إلى الناس العاديين الذين نصادفهم في سعينا اليومي، وأن البطل فيها يلجأ إلى الحيلة والفطنة والشطارة للخروج من المأزق.
إن استخدام العناصر الخيالية - في بعض الأحيان - يهدف إلى التشويق والإثارة. أما بنيتها فتمتاز بالبساطة، فهي تسير في اتجاه خطي واحد وتحافظ على تسلسل منطقي، ينساب في زمانومكان حقيقي، ولها رسالة تعليمية، تهذيبية، وذلك مثل جزاء الخيانة، فضل الإحسان، مضار الحسد،التي تتضمن رموزاً تتطلب التفسير، ومن المؤكد أن هذه الاساطير قد ألفت في مرحلة فكرية أكثر نضجاً ورقياً.أسطورة البطل الإله : وهي التي يتميز فيها البطل بأنه مزيج من الإنسان والإله ، (البطل المؤله) الذي يحاول بما لديه من صفات إلهية أن يصل إلى مصاف الآلهة، ولكن صفاته الإنسانية دائماً تشده إلى العالمالأرضي. بينما نجد الدكتور : أحمد كمال زكي يقسمها إلى أربعة أنواع هي الأسطورة الطقوسية. [*]الأسطورة التعليلية. الأسطورة الرمزية. التاريخسطورة، وهي تاريخ وخرافة معاً. هذه التقسيمات تتناول الأسطورة قديما، فنحن الآن في هذا العصر نمتلك نوعاً جديداً من الأساطير، ذلك هو الأسطورة السياسية، التي لعبت وتلعب دوراً في صناعة الأيديولوجيات ألتي تخدم أغراضها، بخلقها الوعي الزائف، باعتمادها على الظلال السحرية للكلمة. عة تنسب إلى الكائنات غير العاقلة وتعطيها صفات الكائنات العاقلة كالنطق والحركات المقصودة مما يجعل منها محددات للإيمان الشعبي في العصور التي كانت تنتشر فيها هذه الأساطير