[b]
في قسوة الحياة وظلمة الايام عاشت فتاة وحيدة تدعى "أمنية " مع جدها العجوز الذي كان هدف بقائها في هذه الدنيا على الرغم مما طوقتها به من فصول الاحزان بين جنبات الاملاق والغربة والوحدة تصارع الحياة في قرية فاق جمال مناظرها الخيال , فكانت كتومة يفضح الصمت معاناتها
وتصف حالتها المزرية ما شهدته من عذاب لأجل ان تواصل مسيرتها , ففي ليلة قمراء كانت امنية تذرف عبرات الشوق لاسرة تغدقها بحنانها ولبسمة نابعة من القلب في هذه الحياة , فلمحت ومن الغريب بسمة القمر وهو يسامرها قائلا : لا تحزني يا أمنية فهذه الحياة رحلة معاناة يختبرك فيها القدر بقسوته لأن يأتي يوم ويفرج فيه عنك من سجنه
فردت امنية وكلها ذهول فيما تسمعه : ولكن لما انا التي علقت في شباكه ؟ ولمتى سأظل هكذا؟ فحتى من أحيى تحت جناح رعايته صارت الموت تناجيه ولم يبقى له من العمر سوى أيام معدودات وبعد رحيله سأرمى بين أشواك الطبيعة القاسية والمخيفة.
فأجابها :لا لا تيأسي وانظري بأمل باسم لحياتك حتى تجدي ما تتمينه يوما.
وفي وهلة تفكير أيقنت امنية بأن ذلك لم يكن الا عالما سافرت اليه بخيالها حاملة حقيبة برائتها وأملها , وبمرور الايام لم يبقى لتطلعات أمنية الا الأوهام فهجرها جدها وطارت روحه الى بارئها , وبقيت وحيدة في ذلك الكوخ الهش المتواضع وبعد وبعد مرور ايام على وفاة جدها صارت تعاني الفقر المدقع اكثر مما سبق وتجوب البيوت القلائل ترجو هبة من يرأف لحالها وما كادت ان تتفاوت الاسابيع حتى شوهت مظاهر الشتاء والطبيعة ذلك الوكر الذي كانت تحتمي فيه من هول الليل ووحشيته , فقاست الطبيعة والفقر والوحدة حتى وفي آخر المطاف تذكرت وهم محادثتها للقمر لتعي بين عواصف هذه المعاناة ان كلام القمر لم يكن الا كلاما اراد ان يزرع به الصبر في نفس بريئة لطالما حلمت بغد مشرق .وقد استراحت بعد تلاعب القدرببرعم حياتها وآلام ومرارة أيام أرتها لهيبا مستعر في ضريحها لكي تلحق بروح الشيخ جدها وكافة الاسرة التي حنت للقائها طول ما حيت.