اليوم احببت ان انقل لكم قصة قصيرة اعجبتني حين قرأتها للكاتبة جميلة طلباوي وهي بعنوان لحن المطر
وانا اقف اليوم متأملة صورتك على هذا الجدار أسألكهل تدري ماذا يمكن ان يحدث لامرأة
بعد سنين من الانتظار،ستجد بان منازل قلبها تأكلت جدرانها،اعرف هذا لأنني انا التي قلت لك سأنتظرك العمر كله يوم قررت الرحيل بعيدا عن وطن كان الذبح فيه قدر الجميع وكانت صور الموت تملأ المكان،رائحته تخنق احلامنا.
قلت بانك ستذهب أولا وراء البحر وترتب أمرك لألحق بك بعد ذلك،يومها قلت لك بأنني لن أغادر وطني ارضي وهوائي فكنت تراني حمقاء،بل واحدة تريد الانتحار بطريقة اخرى ان تترك الفرصة لهم ليجعلوامنها رقما اخر من قائمة ضحاياهم.
ترجيتك ان لا تخذلني وتبقى فالغد لنا، والحياة نحن نصنعها بارادتنا.لكنك أصريت على موقفك،التصقت بالجداروقد كان سندي الوحيد لحظتهاوأعلنت لك قراري:لن أغادر وطني.
كان ردك مستعجلا:اذن انتظريني ،لن يطول غيابي.
وصار الانتظار قلعتي التي اتحصن بها من الاخرين فهنالك نورسوراء البحر سيعود الي حاملا لي رذاذ الاحلام وينعش ارض المي لتينع زهرات العمر.
ويوم جاءني صوتك في الهاتف: الأسبوع المقبل سأكون في أرض الوطن.
صرخت فرحة ، ورحت احضر لفرحنا، كنت ألبس ثوب زفافي في كل يوم، أقف امام المرآة مستحضرة صورتك بالبذلة في قمة أناقتك أتأبط ذراعك،ونمشي وكان صوت الدف وأغاني الفرح بل حتى الزغاريد تملأ لحظاتي. ما أجملان يتحقق الحلم بعد صبر طويل.
ولست أدري لماذا في ذلك اليوم الماطرأخرجت ثوب زفافي ووضعته على المشجب وبدأت أتأمله بدون صوت الدف ولا اغاني الفرح بدون زعاريد ،كانت الأغاني تنساب من صوت المطر ولم تعد تتراءى لي صورتك بالبذلة،هل المطر يذيب الصور في الأحلام ويخنق شريط يوم أنتظره؟
طرق خفيف على باب غرفتي أربكني ، أعدت الفستان بسرعة الى خزانتي وأحكمت اغلاقها
وكأنني خشيت ان يسرقه أحد مني، شعور تملكني بأن الواقف وراء الباب ماجاء الا لينتزع مني فستان فرحي.
صار الطرق اقوى على الباب،أسرعت لأفتحه وأقف وجها لوجه مع والدي الحبيب،بدا لي كالصنم لماذا وجهه بارد كالثلج؟ لماذا عيناه تنظران الى الأسفل؟
منذ مدة لم يأخذني والدي في حضنهولم يمسح على رأسي،هموم الدنيا أخذته وأخبار الموت شغلته عن ان يعيش الفرح معنا ربما كان يخشى ان نتعود على حضنه فيختطف منا ويكون ألمنا مضاعف.لا أدري ماذا كان والدي يخشى بالضبط؟
هاهو اليوم يحتضنني ويبكي ويبلل شعري بدموعه، هاهو ينطق وأنا بين يديه قطعة ثلج ، مزق صوته لحن روحي المتحدة مع المطروهو يجهش بالبكاء ويقول:
عبد الحق يدوم الله ، وجدوه ميتا بسكتة قلبية في غرفته في البلد الذي كان يقيم فيه.