لا يوجد طفرة تستمر إلى ما لا نهاية، وإلا لما سُميت طفرة، فمن أهم محددات الطفرة ظهورها لفترة وجيزة من الزمن. وينطبق هذا على الطفرة الروائية المحلية، التي بدأت إرهاصاتها بعد حرب الخليج الثانية عام (1990م)، ودشنها غازي القصيبي برواية (شقة الحرية) عام (1994م)، ثم أعطتها ليلى الجهني نكهتها الأنثوية برواية (الفردوس اليباب) عام (1998م)، وبلغت ذروتها بصدور رواية (بنات الرياض) للدكتورة رجاء الصانع عام (2005م)، واستكملت أهم سماتها وخصائصها العامة بمجموعة الروايات التي صدرت عام (2006م)؛ مثل: (الإرهابي20) و(البحريات) و(جاهلية) و(نزهة الدلفين) و(الجنية) و(الآخرون) و(هند والعسكر)، ومجموعها (49) رواية منها (23) رواية كتبتها المرأة.
ولذلك فعندما صرخت الدكتورة أميرة الزهراني احتجاجا على: “الإطار الذي غمرتنا فيه الروايات السعودية حتى درجة الغرق والقرف، وغدونا نخجل من الآخرين بسبب صورتنا العفنة التي رسمها الكتاب لمجتمعهم”. (مجلة اليمامة، 23/6/2007م). فإن صرختها كانت إشارة واضحة إلى أن الطفرة استنفدت مخزونها، وحققت كثيرًا من أغراضها، ومنها: “كسر زجاج الملائكية للمجتمع... فبدا مجتمعًا بشريًّا له أخطاؤه ونقائصه وعيوبه وسيئاته وأشراره ومفسدوه، وهذه قفزة نوعية كبيرة في الوعي بالذات”. كما يقول الدكتور عبدالله البريدي. (الجزيرة الثقافية، 16/4/2007م).
إذن يمكن القول إن الطفرة الروائية السعودية انتهت بنهاية عام (2006م)، والروايات التي صدرت بعد هذا التاريخ تندرج في أحد مسارين عامين؛ فهي في أغلبها إما مجرد تقليد وتكرار واجترار لنماذج مرحلة الطفرة، أو تجاوز لروايات الطفرة في نماذج أخرى قليلة حتى الآن. وهذا التحليل ليس تحليلاً انطباعيًّا ينبني على الإشارات السابقة وحدها، وإنما تأسس على دراسة علمية ستصدر قريبًا في كتاب إن شاء الله تعالى.
وبالتالي فإن بعض الروايات المثيرة الصادرة هذا العام، بدا كُتابها وكأنهم يلعبون في الوقت الضائع، لأن المجال الآن مفتوح لتجاوز مرحلة الطفرة بإنجازاتها وإخفاقاتها، والانطلاق إلى آفاق إبداعية أرحب، فالرواية بحاجة إلى مبدعين لا إلى أفَّاقين.
المصدر جريدة المدينة - ملحق الأربعاء