قصة رائعة عن حب آخر غير الذي نعرفه بين الحبيب والحبيبية
قصة عن افتقاد الشاب للأخت وحب الأخت ووجود الأخت
ارجو ان تتمتعوا بقراءتها
اخوكم
عي علي
قصة من تأليف الكاتب الفلسطيني: زياد خداش
اربعون
عاما تقريبا وانا بلا اخت، الاف المرات نهضت من نومي وذهبت الى عملي دون
ان يكون لي اخت،ابكي وحدي في الليل، اكتب القصص الرديئة ، واتشاجر مع
اصدقائي واكره عملي واخون صديقاتي، ارقص في العتمة واسمع فيروز، كل ذلك
افعله دون ان يكون لي اخت، ما زلت احلم باخت متوسطة الجمال ، ذكية وعنيدة
تكبرني بعشر سنوات على الاقل غامضة وصامتة ، تاتي متاخرة للبيت فاترك لها
الباب مواربا تواطؤا معها، فتتسلل باقدام حافية الى غرفتي _غرفتها، وهناك
في عمق العتمة والرعب ، اسمعها تبكي بصمت، فاقترب منها، واضع يدي على يدها،
ولا اتكلم، فتنحني على راسي الصغير، تتحسس شعري ، فتتبلل رموشي بدموعها،
وينام بجانبي سؤال : لماذا تبكي اختي في الليل؟.
لو كان لي اخت لما
كنت انا ، باالتاكيد ساكون اخر اجمل واقل ثرثرة واكثر ميلا للعزلة ، واقرب
للرياضيات مني للادب ، لو كان لي اخت ربما لما اخفقت كل علاقاتي العاطفية ،
ولتدربت جيدا على تحسس دروب الروح ومسالك الجمال الداخلي ،لصار عندي للنهد
وظيفة اخرى غيراطفاء لهيب رجل ،
ان يكون لي اخت يعني ان افهم سر البكاء في الليل ، بينما العالم كله نائم ابلها وقاسيا،
ان
يكون لي اخت يعني ان اتفهم ضرورة ارتكاب خطيئة ما تطهرا من غبار سجون
مرعبة تتخذ شكل قرارات وقوانين، يعني ان اهدأ واستقر نسبيا على الاقل وافكر
بهدوء حين تقطع حبيبيتي علاقتي معها،
يعني ان اطل على العالم الاخر
اطلالة دهشة وفرح خبيث، كم هو لذيذ ان اتجسس على حاجا ت اختي واغراضها ،
وان اختبر عطرها ابعثر اوراقها ، واتنفس كتبها واقف حائرا امام غموض
مواقفها ، وارتباك سلوكها، وحين اكبر سافهم ، كم هو جميل ومثير ان تكون لي
اخت اري من خلالها جسر امان نحو ضفة تبدو بعيدة، ضفة احتاجها واريدها،!
في طفولتي التي امضيتها احلاما ، كنت اقول لامي محتجا : اريد اختا
تضحك امي وتقول ، الله لم يرد بعد، فاشعر بغضب وغيرة شديدة من اصحابي لان لكل واحد منهم اخت ،
حين نما شاربي وصرت رجلا بالمعني البيولوجي ، غرقت في حلم يقظة لذيذ جدا،
كان
ابي يتاخر كثيرا في العودة الي البيت ، وكنت اعتقد حالما انه متزوج من
امراة اخري في مكان اخر من هذه المدينة ، وان لديه منها بنتا واحدة، وانها
أي البنت تلح عليه دائما لان يعرفها على اخوتها وخاصة على زياد الكبير،
الذي يكتب قصصا وتظهر صوره بالجدرائد، ،
جن جنون حلمي ذات صباح ،
فتابعت حركات ابي، خطوة خطوة حتي اتعرف على بيت اختي، كان ابي يتنقل من
المدرسة، فالمقهي ثم الي بيوت اصدقائه واقاربه في المدينة، واحيانا كان
يمشي في الشوارع ممارسا رياضة المشي،
مرة رايته يدخل بيتا، ففرحت جدا
لاني استدللت على بيت اختي،رحت اتجول حول البيت مراقبا النوافذ والشرفة
علني فقط المح اختي، فجأة خرجت فتاة عشرينية من البيت، كانت اختي ، يا الهي
ما اجملها، انها تشبهني جدا ، انها اختي،
تابعت الفتاة في الشارع ،
كانت رشيقة الخطوات ،وكنت اسعد انسان في العالم، وحين رايت شابا يبتسم لها
وتبتسم له طار صوابي وهجمت عليه، شاتما ولاكما ، فاستغربت الفتاة وسالتني
من انت ؟
قلت لها انا اخوك
اخوك من ابيك
فضحكت بصوت عال ، واشارت للشاب ان هيا نمضي بعيدا ، فهذا الشاب يبدو مريضا،
منذ اربعين عاما تقريبا وانا بلا اخت.
ذهبت
اختي بعيدا مع شاب غريب، سأشي بها الي ابي مساء اليوم، في المساء صفعني
ابي على وجهي لاني تابعته وتحرشت بابنة صديقه الذي عاده في بيته بسبب مرضه،
لكني
لم اتوقف عن الحلم المجنون ، وما زلت معتقدا حتي الان بعد اربعين عام من
الحياة دون اخت ان ابي سيعترف ذات شيخوخة مهجورة بزواجه من اخري وبوجود
ابنة له في مكان ما .
منذ اربعين عاما تقريبا وانا بلا اخت، من يقرضني اختا باخطاء وندم وحنان وقلب كبير ودموع في الليل الطويل ؟
من من؟
من يعيرني اختا ، مجنونة بعودات متأخرة الى البيت ،وبثقة بالنفس،اقدام حافية، سجائر ونبيذ مهربين في منحنياتها،
اختا تكشف تناقضاتي وتفضح شعاراتي،
اختا
تحميني مني ، تراقب خيباتي وتعنفني احيانا، وترتكب هي اجمل الاخطاء وابهي
الفضائح و تبكي معي وتقول : يا حبيبي يا خوي، اختا ذات جمال شاحب، ملامح
متعبة وتنهدات جاهزة ، وحيرة انثوية باهرة.
في النهار الصاخب امشي
احيانا في المدينة امر عن مئات االفتيات خائفات ومرحات، اقول في سري : كان
يمكن ان تكون أي واحدة منهن اختي ،كأني ابحث عن اخت ،كأني اوشك على الصياح،
انا منذ اربعين عاما تقريبا بلا اخت.
حين يقول لي صالح : اختي خلود ،
ويقول مالك: اختي ليلي، اقول انا في سري اختي غادة، فاشعر بالجبال والمدن
والعربات والاشجار والمدارس يصيحون فرحين: غادة غادة، غادة
كم احب هذا الاسم، فية طراوة نوم طويل، بعد رحلة صحراوية طويلة، فيه عودة الى جذور ما، اعتذار عن خيانة وقبول الاعتذار،
منذ اربعين عاما وانا بلا اخت،
اخت
تطلب من امي ان تسامحني حين اخطيء، اخت تبوح لي عن حبيبها السري وابوح لها
عن حبيبتي السرية، اخت بمريول اخضر ودفتر رسم ،ونظرة ذكية وروح حرة،وا
ستعداد ابدي لتكسير المساطر
تصور ان يأتيك ملاك صغير راكضا اليك من اقصي
العالم ويصيح عليك : خالي ، خالي ، تصور؟ معظم الفتيات اللواتي احببتهن
قلن لي كل واحدة على حدة طبعا :: انا احبك لانك تشبه خالي،
خالي، خالي، خالي،
اختي ، اختي ، اختي
لماذا اشعر بالحزن عندما الفظ كلمة اختي؟
اماذا اري امامي كل براءة العالم، وكل هزائمه وكل غضبه ايضا حين اهمس : اختي ، اختي؟
لماذا اشعر بلذة الاثم حين اتصور اختي عائدة من العمل منهكة وغامضة وضجرة؟
اختي ، اختي اه كم احبك يا اختي!
حتى اري ابي يعترف بوجود ابنة له في مكان ما، ساظل أ تجول في المدينة مغتربا وناحلا ومتعبا و هامسا لنفسي : اربعون عاما بلا اخت
افكر احيانا ان اعترض طريق فتاة ما واقول لها : يا سيدة ، انت يا صاحبة النظرة الحرة والابتسامة الحزينة : كوني اختي ، كوني اختي.
موضوع: لمن ليس لديه اخت................19041994 
