وسط أجواء من الثقة المشوبة بالحذر والحماس المغلف بالهدوء ، يستهل المنتخب البرازيلي لكرة القدم رحلة الدفاع عن لقبه في كأس أمم أمريكا الجنوبية (كوبا أمريكا) غدا الأحد عندما يلتقي نظيره الفنزويلي بمدينة لا بلاتا في الجولة الأولى من مباريات المجموعة الثانية في الدور الأول لبطولة كوبا أمريكا ال43 المقامة حاليا بالأرجنتين.
ويقف التاريخ والإمكانيات والخبرة في صف المنتخب البرازيلي (راقصو السامبا) الفائز بلقب بطولة كأس العالم خمس مرات والفائز بلقب آخر بطولتين في كوبا أمريكا.
ولكن المنتخب البرازيلي ومديره الفني مانو مينزيس يرفضان الاعتماد على هذه العوامل ويتمسكان بالحرص والحذر خشية مفاجآت البداية التي قد يسعى المنتخب الفنزويلي إلى تفجير إحداها.
ولذلك ، تمثل مباراة الغد لقاء "السهل الممتنع" بالنسبة للمنتخب البرازيلي بينما يتعامل معها المنتخب الفنزويلي على أنها "شر لا مفر منه" لأن تصنيف المنتخبات المشاركة في البطولة حسب مستوياتها كان من الضروري أن يضع المنتخب الفنزويلي في مواجهة أحد المنتخبات العملاقة بمجموعته.
ومع الخروج المبكر للمنتخب البرازيلي من دور الثمانية في بطولتي كأس العالم الماضيتين في 2006 بألمانيا و2010 بجنوب أفريقيا ، كان حفاظ الفريق على لقبه في بطولة كوبا أمريكا الماضية عام 2007 بفنزويلا بمثابة حفظ ماء الوجه للسامبا البرازيلية.
ولكن الفوز بلقب كوبا أمريكا 2011 بالأرجنتين أصبح ضرورة ملحة حيث يمثل نقطة بداية جديدة للفريق قبل ثلاثة أعوام من استضافة نهائيات كأس العالم 2014 على أرضه.
ولذلك يخوض المنتخب البرازيلي البطولة الحالية بمزيج من المواهب الجديدة واللاعبين المخضرمين ، ويخوضها مينزيس بثقة كبيرة ورغبة جادة في تقديم دور جيد وعروض رائعة وقيادة الفريق نحو الفوز بلقب البطولة في أول اختبار رسمي وجاد له مع الفريق.
وتوج المنتخب البرازيلي بلقب كوبا أمريكا في أربع من آخر خمس بطولات ولكن البطولة الحالية تحظى بأهمية بالغة في ظل إقامتها على أرض منافسه التقليدي وغريمه اللدود ، المنتخب الأرجنتيني ، وإقامتها قبل ثلاث سنوات من المونديال البرازيلي.
ويضع مينزيس ثقة كبيرة في اللاعبين الجدد الذين أعلنوا بقوة عن موهبتهم الرائعة من خلال مسيرتهم مع الأندية البرازيلية في آخر عامين وفي مقدمتهم الفتى الذهبي نيمار نجم سانتوس والمرشح الأقوى ليصبح النجم الأول للمنتخب البرازيلي في السنوات القليلة المقبلة وباولو إنريكي جانسو زميله في سانتوس.
ولكن مينزيس ، صاحب الخبرة الهائلة ، لا يرغب في المجازفة بشكل كبير مما دفعه إلى المزج بين حماس ونشاط لاعبيه الشبان وخبرة اللاعبين المخضرمين مثل المهاجم البارز روبينيو الذي استعاد بعض بريقه في الموسم المنقضي من خلال عدة عروض رائعة مع فريق ميلان الإيطالي.
كما وضع مينزيس دفاع وصمام أمان المنتخب البرازيلي بين يدي اللاعبين أصحاب الخبرة بداية من حارس المرمى جوليو سيزار نجم انتر ميلان الإيطالي ومرورا بنجوم الدفاع لوسيو في القلب ومايكون في الناحية اليمنى وداني ألفيش الذي سيغير مكانه ليلعب في الناحية اليمنى.
وينتظر أن يساعد هذا التشكيل الصلد لخط الدفاع المدرب مينزيس على اتباع طريقة هجومية والدفع بتشكيل هجومي أفضل مما كان لدى سلفه كارلوس دونجا الذي نال انتقادات عنيفة بسبب الأداء الهجومي المتحفظ الذي اتبعه خلال فترة توليه المسئولية والذي وصفه كثيرون بأنه هجوم بلا أنياب.
كما سيساعد الدفاع الصلد الفريق البرازيلي في مواجهة الهجوم القوي للمنتخب الفنزويلي والذي يمثل أقوى خطوط الفريق.
وعلى الرغم من حرص مينزيس على عدم إعلان تشكيلته الأساسية لمباراة الغد ، أوضحت التدريبات أن الفريق سيعتمد على خطة هجومية تتمثل في الدفع بثلاثة مهاجمين وأن التشكيل سيعتمد على اللاعبين جوليو سيزار لحراسة المرمى وداني ألفيش في الناحية اليمنى وأندري سانتوس في اليسار ولوسيو وتياجو سيلفا ولوكاس ليفيا وروبينيو وراميريس وألكسندر باتو وجانسو ونيمار.
ورغم الفارق في المستوى مع المنافس الفنزويلي استنكر مينزيس ما يتردد عن ضعف مستوى المنافس ، وقال إن المنتخب الفنزويلي ليس "دجاجة نافقة" موضحا "لدينا بعض الدجاج النافق في كرة القدم العالمية ولكن المنتخب الفنزويلي ليس من بينهم. المنتخب الفنزويلي اجتهد كثيرا لتغيير ذلك وتطوير مستواه. شاهدتهم يقدمون مباراة قوية أمام المنتخب الأسباني (رغم الخسارة صفر/3) حيث أظهروا إصرارا واضحا على تغيير أسلوبهم في اللعب".
وأضاف مينزيس "أنتظر مباراة صعبة سيضع خلالها المنتخب الفنزويلي العراقيل أمامنا ولكن ذلك سيحفزنا على تطوير مستوانا أيضا. من الطبيعي أن نلعب جيدا ولكنه سيحفزنا على تقديم أداء أفضل".
وفي المقابل ، يتعامل المنتخب الفنزويلي مع المباراة بنفس منطق الحذر وإن لم يكن لديه ما يخسره في هذا اللقاء أمام منافسه العملاق.
ولم يسبق للمنتخب الفنزويلي أن أحرز لقب كوبا أمريكا على مدار 42 بطولة سابقة كما يدرك أن المنافسة على اللقب هذه المرة تبدو مستحيلة في ظل وجود منتخبات البرازيل والأرجنتين وكولومبيا.
ولكن لاعبي الفريق بقيادة مديرهم الفني سيزار فارياس يطمحون في استكمال مسيرة التطوير التي استهلها الفريق مع بداية القرن الحالي.
ويسعى فارياس إلى استغلال احتراف عدد من لاعبيه في بطولات الدوري الألماني والأسباني والهولندي والاستفادة من خبرة ومهارة هؤلاء اللاعبين في تقديم عروض جيدة بالبطولة الحالية.
ولكن ما يطمئن فارياس وأنصار المنتخب الفنزويلي (العنابي) هو اعتماد الفريق على هجوم قوي يضم لاعبين متميزين مثل نيكولاس فيدور "ميكو" لاعب خيتافي الأسباني وسالومون روندون الذي أحرز 14 هدفا في موسمه الأول مع ملقه الأسباني.
كما يتألق في خط الوسط أكثر من نجم من العيار الثقيل مثل خوان أرانجو (بوروسيا مونشنجلادباخ الألماني) وتوماس رينكون (هامبورج الألماني) ولويس ميجيل سيخاس (سانتا في الكولومبي) والنجم الجديد يواندري أوروزكو (فولفسبورج الألماني).
ولذلك ، قد يعتمد فارياس على معاونة لاعبي خط الوسط لزملائهم في الدفاع أملا في إيقاف الطوفان البرازيلي مع الاعتماد على الهجمات المرتدة السريعة لتشكيل بعض الخطورة على مرمى السامبا وهو ما قد يسفر عن مفاجأة أو على الأقل الخروج بأفضل نتيجة ممكنة قبل مواجهتيه التاليتين مع منتخبي الإكوادور وباراجواي.
وفي البطولة الحالية ، تظهر فنزويلا بالفريق الأغلى في تاريخها حيث يضم منتخبها لاعبين أغلبهم يلعبون في أندية كبيرة ولكن الفريق لم يكن يتمنى أن تكون بداية مسيرته في البطولة أمام المنتخب البرازيلي العريق حامل اللقب ولذلك بات أمل الفريق في هذه المباراة معلقا على مفاجأة.
تجدر الإشارة إلى أن نتائج الفريقين السابقة اتسمت بوفرة الأهداف وهو ما يسعى نجوم السامبا البرازيلية إلى تكراره في مباراة الغد ليكون تجربة جيدة للفريق وإنذارا مبكرا لباقي المنافسين.
وعلى مدار البطولات الماضية لكوبا أمريكا التقى الفريقان خمس مرات بين عامي 1975 و1999 وانتهت جميعها لصالح المنتخب البرازيلي الذي سجل 25 هدفا في شباك فنزويلا مقابل هدف وحيد في شباك السامبا.