مقدمة
عرفت مرحلة الثلاثينات في الجزائر المستعمرة نشاطا سياسيا مكثفا مثلته مختلف التشكيلات السياسية القائمة آنذاك بنشاطاتها المتعددة خاصة مع وصول الجبهة الشعبية للحكم في فرنسا وإظهارها في بداية أمرها انفتاحا على مطالب الطبقة السياسية الجزائرية التي توحّدت لأول مرة في اجتماع تاريخي عقد بالعاصمة في شهر جوان 1936و عرف هذا الاجتماع بالمؤتمر الإسلامي .
-2ظروف انعقاده
انعقد المؤتمر الإسلامي يوم 07 جوان 1936 بالجزائر العاصمة بقاعةسينما الماجستيك (الأطلس حاليا)بحي باب الوادي في ظل ظروف مميزة داخليا و خارجيا.
أ-داخليا:
- تأسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين سنة 1931.
- تأسيس الحزب الشيوعي الجزائري سنة 1936.
- بروز دور فيدرالية المنتخبين المسلمين الجزائريين و نجاحها في الانتخابات البلدية لعام 1934.
- وصول الجبهة الشعبية إلى الحكم و طرحها لمشاريع إصلاحية منها مشروع بلوم فيوليت.
ب- خارجيا :
- انعقاد عدة مؤتمرات إسلامية مثل : مؤتمر الخلافة بالقاهرة مؤتمر مسلمي أوربا بجنيف، المؤتمر الإسلامي بالقدس .
- مشاركة بعض الجزائريين في هذه المؤتمرات مثل إبراهيم أطفيش الذي شارك في المؤتمر الإسلامي بالقدس.
- تأثير أفكار الأمير شكيب أرسلان الذي كان يدعو جميع المسلمين للاهتمام بشؤون الأمة الإسلامية و الدفاع عنها
-3الشخصيات المشاركة
لأول مرّة منذ تشكيل الأحزاب السياسية في الجزائر تجتمع هذه الأخيرة حول مطالب موحدة،إذ حضر المؤتمر جلّ التيارات السياسية من اليمين إلى اليسار باستثناء نجم شمال إفريقيا المتواجد مقره بفرنسا ، فقد شارك العلماء و الشيوعيون، و النواب و بعض الشخصيات الدينية .
وحسب المصادر التاريخية فإن فكرة عقد المؤتمر انطلقت من قسنطينة بدعوة من عبد الحميد بن باديس و الدكتور بن جلول...و لهذا كانا من ابرز الحاضرين إلى جانب البشير الإبراهيمي،و الطيب العقبي ،و الدكتور سعدان،و فرحات عباس ،و الدكتور بن التهامي ، وغيرهم من أقطاب الأحزاب المشاركة .
و ترأس أشغال المؤتمر الدكتور بن جلول ممثلا عن قسنطينة و قياديا في فيدرالية المنتخبين المسلمين الجزائريين ،و تشكل مكتب المؤتمر من ممثلين عن و هران، قسنطينة ،العاصمة .
- مطالب المؤتمر :
- جرت أشغال المؤتمر في يوم واحد خصصت الجلسة الصباحية لكلمات الافتتاح و الخطباء و خصصت الجلسة المسائية للمصادقة على مطالب المؤتمر الإسلامي التي اتفق حولها من طرف الأحزاب المشاركة و كان كل تيار يدافع عن مطالبه، فالنواب يرغبون في تطبيق مشروع فيوليت، و العلماء يدافعون على احترام الدين الإسلامي و اللغة العربية ،و الشيوعيون يطالبون بالمساواة في الحقوق مع لفرنسيين و هكذا جاءت مطالب المؤتمر في صيغتها النهائية معبرة عن أراء كل التيارات السياسية المشاركة ،و يمكن تخليصها فيما يلي:
- إلغاء المعاملات الخاصة بالجزائريين.
- إلغاء المحاكم العسكرية و العفو عن المحكوم عليهم في حوادث قسنطينة سنة 1934.
- المساواة بين النواب المسلمين و الفرنسيين.
- اعتبار اللغة العربية لغة رسمية إلى جانب الفرنسية .
- تحرير الدين الإسلامي من سيطرة الدولة الفرنسية ،.....الخ
-4نتائج المؤتمر
بعد انتهاء الأشغال تمّ الاتفاق على تشكيل وفد عن المؤتمر ينتقل إلى باريس لتقديم مطالب المؤتمر إلى حكومة الجبهة الشعبية ، وسافر الوفد الذي تقدمه الشيخ بن باديس و الدكتور بن جلول يوم 23 جويلية 1976 إلى فرنسا و التقى برئيس الحكومة الفرنسية " ليون بلوم "وسلمّه ما يسمى بميثاق مطالب الشعب الجزائري المسلم.ووعد رئيس الحكومة بدراسة تلك المطالب .
وبعد عودة وفد المؤتمر الإسلامي من باريس عقد تجمّعا شعبيا يوم 2أوت 1936 بالملعب البلدي بالعناصر لتقديم نتائج مهمتهم في باريس و عاد مع الوفد زعيم نجم شمال إفريقيا مصالي الحاج ،و أثناء التجمع استمع الحاضرون إلى عدة كلمات أهمها خطاب عبد الحميد بن باديس ،و خطاب مصالي الحاج اللذان كانا مؤثرين في الحضور، ورغم أن الجبهة الشعبية لم تف بوعودها إلاّ أن المؤتمر اعتبر مهماّ لنجاحه في توحيد الحركة الوطنية الجزائرية الأول مرّة حول مطالب واحدة ،و رغم عقد المؤتمر الإسلامي الثاني في جويلية 1937 لكنه لم يكن ذو أهمية فقد أعاد مطالب المؤتمر الأول