عندما يقرر شعب من شعوب الأرض خياره لن يجد من كل حر في العالم إلا التأييد والإسناد.. ولا يمكن أن يقبل الضمير الانساني الاستعباد والظلم وتأله الحكام والطواغيت، وكل هذا يعني الوقوف المبدئي مع كل انتفاضة على طاغية وظالم.. وهذه المسألة مقدس إنساني جامع وهو خلق رفيع يتعارف عليه الناس اليوم وهو من صميم قيمنا وثقافتنا.
وهنا يجد الشعب الليبي من أمته ومن أحرار العالم في كل مكان الإسناد له متى كان معبرا بحق عن مطالب محقة أجمع عليها الضمير الانساني.. وهذه نقطة لاخلاف عليها أيضا وهي محل احترام وتقدير من كل الشرفاء في الأمة والعالم وأن الشعب الليبي سيجد الاحترام البالغ من أمته وهو يدافع عن حريته وكرامته.
وهناك نقطة إضاءة زخرى في المشهد لابد من الانتباه اليها أن النظام الليبي لم يحاول فتح باب الحريات الصحفية والسياسية، وتشير كثير من الأخبار إلى حدوث مآس في ظل حكمه، الأمر الذي يعني أن للشعب الليبي الحق في تغييره، وهذا حق مقدس للشعب أن يثبت الحاكم الذي يريد وأن يعزل من لايراه مناسبا.. وهو حق للشعب الليبي دون تدخل من أحد.
كل هذا صحيح لا مرية فيه ولكننا نريد أن نضيء إشارة حمراء أمام الجميع.. أمام العقيد وأمام المعارضة وأمام العرب والأحرار في العالم.. تلك المتصلة باستراتيجية الناتو في المنطقة وبالسياسات اليومية التي تفرض على الأرض.. وحتى يكون الأمر واضحا فإن الناتو هو أمريكا وفرنسا وبريطانيا.. أي باختصار دول الاستكبار العالمي التي كان لها ولايزال أدوار رئيسية في الاستيطان الصهيوني في فلسطين والعدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني واللبناني.. هذه الدول التي تمد إسرائيل بكل تفوق عسكري، لإذلال الأمة، كما أنها قامت بالأصالة بهجوم وحشي على العراق قتل الملايين من أهله وشرد الملايين.. من هنا أليس لنا الحق أن نرى التصرف الغربي ضمن سياق التصرف الغربي الترايخي تجاه أمتنا..
نحن نعرف أن عجزا عربيا فادحا واجه المأزق الليبي وأن النظام في ليبيا عبث بكل أوراقه وأضاع فرصة حل ليبي عندما واجه المتظاهرين بالرصاص، لكننا نقول إن المعارضة الليبية أصبحت ضمن موازين القوة في موقف حرج لاتحسد عليه ..فلقد اعطت بغير ارادتها فرصة لعودة الاستعماريين إلى المنطقة وتجد نفسها الآن مضطرة إلى التنسيق الأمني والعسكري بل وقد يكون السياسي مع الناتو، الأمر الذي يفقدها شرف قضيتها.
الذي نخشاه اليوم أن يحافظ الغربيون على توازن الضعف بين الطرفين لتكريس واقع الانشطار بين شرق ليبيا وغربها وحينها تكون الكارثة الأمنية على المنطقة، وقد يطلب الحلفاء قواعد عسكرية لهم كما في العراق وأفغانستان.. وحينها لن تنفع الحسرات على مافات.